سنون تسعة انقضت بين لقاءين جال خلالها عملاق تونس صلاح مجري بين أوروبا وأميركا، مكتسباً خبرة وصلابة وثقة وروح قيادية تجلت اليوم أمام إيران وماردها حامد هدادي بأحلا الصور لينقلب المشهد كليا بين اسطنبول 2010 وغوانزهو 2019.
وبين المشهدين التركي والصيني، لم تتغير الأمور التونسية كثيرا على متابع عاين المبارتين، خصوصا إن تحدثنا عن مفاتيح اللعب ونقاط الثقل بين بطل أفريقيا مرتين، وآسيا ثلاث مرات، مع عدم إغفال أن إيران كانت تملك جيلا ذهبياً وقتها اعتزل منهم الكثيرون دولياً وأبرزهم صانع الألعاب المشاكس مهدي كمراني وجواد دفاري وأوشين ساهاكيان وغيرهم ولم يتبق فعلياً منه إلا هدادي.
إذا في الصين كان صلاح مجري لاعب دالاس مافريكس سابقا، على الموعد وكأنه ينتظر الفرصة منذ سقوط اسطنبول، فكان حق ربان لمنتخب تونس الذي ثأر "فنياً" وبأفضل طريقة من إيران بنتيجة 79-67 (29-19 و15-16 و15-13 و20-19) اليوم الاثنين ضمن الجولة الثانية لمباريات المجموعة الثالثة.
وصنع منتخب تونس بطل أفريقيا 2017 الفارق في الربع الأول حيث بدا الاكثر تركيزا وصلابة وفعالية وحافظ على ريادته حتى النهاية ليحقق انتصارا تاريخياً هو الأول له في مشاركته الثانية في كأس العالم.
وسبق لنسور قرطاج السلة في مشاركتهم المونديالية الأولى في تركيا 2010 أن أخفقوا في تحقيق أي فوز ضمن مجموعة ضمت وقتذاك إيران والولايات المتحدة وسلوفينيا والبرازيل وكرواتيا، ونظام مختلف عن اليوم.
وجاء ثأر تونس لخسارتها عام 2010 أمام إيران بعد تسعة أعوام بالكمال، إذ تواجها في 30 أغسطس 2010 في إسطنبول أمام 12500 مشاهد، حيث فازت إيران، بطلة اسيا ثلاث مرات 2007 و2009 و2013 ووصيفة 2017، فازت بنتيجة 71-58.
وللمفارقة فإن عدد من اللاعبين اللذين حضروا اليوم، تواجدوا آنذاك في مقدمتهم كما ذكرنا، مجري الذي سجل حينها 10 نقاط و9 متابعات، ومكرم بن رمضان الذي سجل 10 نقاط ورضوان سليمان ومحمد حديدان ونزار كينوة والمحترف مايكل رول ومختار غيازة.
أما إيران فقادها حينها النجم حامد هدادي (2.18 و34 عاماً) بـ23 نقطة و13 متابعة، أي تقريبا نفس أرقام مجري اليوم في مشهد لافت لتبادل الأدوار وهو الوحيد الذي كان مع إيران عامي 2010 واليوم، علماً أن ارسلان كاظمي (كان في اسطنبول) يغيب اليوم للإصابة فيما غاب عن تشكيلة تركيا 2010 صمد بهرامي للإصابة وقتها، وتواجد اليوم في الصين لكنه فقط الكثير من نجوميته المعروفة.
أما بالعودة للقاء الصين، فكانت الكلمة الفصل لمجري هذه المرة الذي حقق "دوبل دوبل" او الثنائية المزدوجة مسجلاً 22 نقطة منها خمس ثلاثيات! و15 متابعة و3 تمريرات حاسمة و5 تصديات "بلوك شوت" مسجلاً فعالية مذهلة بلغت 38.
وعاون مجري في التألق، عمر عبادا 12 نقطة ومكرم بن رمضان 16 نقطة وخمس تمريرات حاسمة ومايكل رول 16 نقطة وخمس تمريرات حاسمة أيضاً ومراد المبروك 11 نقطة.
وسددت تونس بنجاح عن خط الثلاثيات بنسبة 38% (13/34).
أما من جهة إيران، فلم تستطع تقديم الأداء الذي انتجته أمام بورتوريكو حيث تقدمت طول المباراة وخسرت في آخر ثوان، واستطاع دفاع تونس الضاغط تعطيل الإيرانيين وإرغامهم على التسديد تحت المراقبة، لتنخفض نسبهم بشكل ملحوظ.
وفي ظل تفوق مجري أسفل السلة، ومنع إيران من التصويب المريح، استطاع المنتخب العربي حسم اللقاء بجدارة.
وسجل حدادي 13 نقطة والتقط 10 متابعات ومرر ثماني مرات حاسمة وكان الأفضل في فريقه فعالية وتأثيراً لكنه لم يلق عوناً مماثلاً، وأبرز من سانده تسجيلاً كان بنهام يخشالي بـ14 نقطة وآرون غاراميبور 18 نقطة و8 متابعات.
وبلغت نسبة إيران عن الثلاثيات 26% محققة أربع تصويبات ناجحة من 15 محاولة.
وكانت إيران خسرت الجولة الأولى 81-83 أمام بورتوريكو، أما تونس فخسرت أمام إسبانيا 101-62.
وتملك تونس حظوظاً مرتفعة لبلوغ الدور الثاني حين تواجه بورتوريكو يوم الأربعاء 4 سبتمبر الساعة 11:30 صباحاً بتوقيت مكة المكرمة فهل يكتب رجال قرطاج تاريخاً غير مسبوق؟