يعيش شارع كرة القدم المصري في حالة من الترقب والجدل غير المسبوقة انتظاراً للإعلان عن اسم المدرب الجديد أو كما يطلق عليه إعلامياً في مصر "المدير الفني" الذي سيتولى قيادة المنتخب المصري في الاستحقاقات القادمة، وذلك في فترة بالغة الصعوبة تمرّ على منتخب الفراعنة حالياً بعد الإخفاق الكبير الذي حدث للفريق في نهائيات كأس الأمم الإفريقية الماضية "مصر 2019" عندما ودّع منافسات البطولة من الدور ثمن النهائي بخسارته من جنوب إفريقيا بهدف نظيف أحرزه تمبينكوسي لورش.
وأحدث الوداع المؤلم للمنتخب المصري للبطولة التي أقيمت على أرضه ووسط جماهيره زلزالاً كبيراً أطاح بشكل فوري بالمدرب السابق المكسيكي خافيير أغيري وجهازه المعاون بالكامل كما أدت تداعياته إلى استقالة مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم السابق برئاسة هاني أبو ريدة وعضوية عدد من نجوم كرة القدم المصرية مثل احمد شوبير ومجدي عبد الغني اللذان مثلا مصر في نهائيات كأس العالم عام 1990 وحازم إمام المتوج مع منتخب بلاده بكأس أمم إفريقيا عام 1998.
ومنذ الاستغناء عن خدمات أغيري ساد شعور عام بأن المنتخب يحتاج إلى مدرب وطني بعد تجارب كثيرة غير ناجحة مع المدربين الأجانب، إذ سيطرت الأسماء الأجنبية على الإدارة الفنية للمنتخب المصري في الثماني سنوات الأخيرة تحديداً منذ انتهاء حقبة المدرب الوطني حسن شحاته والذي قاد المنتخب المصري إلى إنجاز تاريخي غير مسبوق قارياً بالتتويج بكأس أمم إفريقيا ثلاث مرات متتالية أعوام 2006 و2008 و2010.
وبعد انتهاء عهد شحاته تولى تدريب الفراعنة الأميركي بوب برادلي (2011 – 2013) وفشل في التأهل إلى نهائيات كأس العالم في البرازيل عام 2014 بعد سقوط تاريخي على أرض غانا في الدور النهائي من التصفيات الإفريقية بالخسارة (6-1) قبل الفوز (2-1) إياباً، ثم تولى المصري شوقي غريب تدريب الفريق عقب ذلك وفشل في قيادته إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2015 قبل أن تؤول الأمور إلى المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر الذي حقق نجاحاً مقبولاً بتأهله إلى نهائي كأس الأمم الإفريقية عام 2017 قبل الخسارة من الكاميرون بهدفين مقابل هدف ثم الصعود إلى نهائيات كأس العالم روسيا 2018 للمرة الأولى منذ مونديال 1990.
وعلى الرغم من إنجازي كوبر إلا أن إعداده السيئ للمشاركة في المونديال وقيادته الفنية المتواضعة للفريق في نهائيات كأس العالم جعلت من المشاركة المونديالية ذكرى ليست سعيدة للمصريين خاصة أنها خلفت ثلاث هزائم في الدور الأول، من الأوروغواي (1-0) ثم روسيا (3-1) وأخيراً السعودية بهدفين مقابل هدف.
ورحل كوبر بعد مطالبات جماهيرية وإعلامية كثيرة ثم تعاقد الاتحاد المصري مع خافيير أغيري عديم الخبرة تماماً بالكرة الإفريقية، وهو ما ظهر واضحاً في اختباره الأول والأخير مع الفراعنة عندما حقق أسوأ نتيجة في تاريخ بطولات أمم إفريقيا التي خاضها المنتخب المصري على أرضه ووسط جماهيره.
الأسماء المرشحة
الاتجاه العام غير المعلن بالتعاقد مع مدرب مصري تحول إلى قرار رسمي مع قدوم مجلس إدارة الاتحاد المصري المعين برئاسة الوجه الجديد على إدارة الكرة المصرية عمرو الجنايني، حيث تتواصل الأخبار المتواترة من داخل مجلس الاتحاد عن اقتراب إعلان اسم المدرب المنتظر، إلا أن تأخر الاتحاد في الإعلان الرسمي أدى إلى حالة من الجدل غير المسبوق على ساحة الكرة المصرية.
وشملت قائمة الأسماء المرشحة لتدريب المنتخب المصري أسماء معروفة على الصعيد المحلي أبرزها بالتأكيد حسن شحاته الذي طرح اسمه بقوة للعودة لتدريب الفريق إلا أن البعض يتحفظ على ترشيح شحاته في هذا المنصب لتقدم عمره إذ أنه يبلغ من العمر حالياً 72 عاماً كما أنه خاض العديد من التجارب غير الناجحة "أو المستقرة" على الصعيد الفني منذ رحيله عن تدريب المنتخب المصري، ويرى البعض أن الأنسب له حالياً أن يتولى منصب المدير الفني للاتحاد للاستفادة من خبراته على صعيد التخطيط لكرة القدم المصرية.
الاسم الآخر المرشح بشكل كبير أيضاً هو حسام البدري مدرب الأهلي الأسبق والبالغ من العمر 59 عاماً والذي يعد أحد أبرز المدربين المصريين في السنوات الأخيرة بعد أن قاد الأهلي للفوز بدوري أبطال إفريقيا والدوري المصري مرتين وكأس مصر إضافة إلى كأس السوبر المصري، كما أنه على خبرة تامة ودراية بالكرة المحلية والمنافسات الإفريقية، إلا أن البعض يتخوف من دخوله في صدامات مع جماهير الأهلي والتي توترت علاقتها به في الفترة الأخيرة، كما أنه على الصعيد الفني فشل تماماً مع المنتخب المصري الأولمبي في كأس أمم إفريقيا تحت 23 عاماً التي كانت مؤهلة إلى مسابقة كرة القدم في أولمبياد ريو عام 2016.
اسم آخر يبدو مطروحاً بشكل كبير وهو أحد أبرز أساطير الكرة المصرية على مدار تاريخها حسام حسن الهداف التاريخي للمنتخب المصري بإحرازه 69 هدفاً في 169 مباراة وأحد القلائل الذين حققوا إنجاز اللعب في المونديال والفوز بكأس أمم إفريقيا، حيث شارك في كأس العالم عام 1990 كما توج بكأس أمم إفريقيا أعوام 1986 و1998 ثم 2006.
وعلى عكس ما يعتقده الكثيرون فإن حسام حسن ليس صغيراً في العمر إذ أنه يبلغ حالياً 53 عاماً كما يمتلك مسيرة طويلة على الصعيد التدريبي درب خلالها أندية كبيرة مثل المصري البورسعيدي والزمالك والاتحاد، كما قاد منتخب الأردن.
وعلى الرغم من كفاءة حسام حسن التدريبية والإشادة الكبيرة بعمله على تطوير اللاعبين فإنه يعاب عليه أنه مدرب بلا بطولات كما يؤخذ عليه أيضاً انفعاله الشديد أثناء قيادة المباريات وهو ما يراه البعض أمراً غير مقبولاً إذا تولى منصب بحجم مدرب منتخب مصر.
وبشكل عام فقد خاض حسام كمدرب 330 مباراة فاز في 149 وتعادل في 105 وخسر 76.
الاسم الأخير المرشح أيضاً ليكون على رأس الإدارة الفنية للمنتخب المصري هو إيهاب جلال البالغ من العمر 52 عاماً وهو أحد المدربين المشهود بكفاءتهم ويبدو في الآونة الأخيرة وبحسب الأخبار المتواترة أنه المرشح الأوفر حظاً لتولي المسؤولية على الرغم من أنه لم يحقق أي إنجاز على الصعيد التدريبي وتنحصر كل خبرته التدريبية في قيادة أندية الزمالك والمصري ومصر للمقاصة علماً بأنه استهل حياته المهنية بعد الاعتزال مديراً للكرة في المصري عام 2004 كما عمل في المنصب ذاته مع نادي الإسماعيلي.
تاريخ عريق
تاريخياً، حسين حجازي أسطورة الكرة المصرية هو المدرب الأول للمنتخب المصري حيث تولى المسؤولية عام 1920 لمدة أربع سنوات، بينما يعد الاسكتلندي جيمس ماكري هو أول مدرب أجنبي يتولى تدريب الفراعنة وكان ذلك عام 1934.
وبشكل عام فقد تولى تدريب المنتخب المصري 16 مدرباً مصرياً أكثرهم نجاحاً بالتأكيد كان محمود الجوهري الذي قاد الفراعنة إلى نهائيات كأس العالم بعد غياب 56 عاماً كما توج بكأس أمم إفريقيا عام 1998 والبطولة العربية عام 1992.
ودخل حسن شحاته تاريخ كرة القدم المصرية كأنجح المدربين على الصعيد القاري بعد تتويجه بكأس أمم إفريقيا ثلاث مرات متتالية محققاً إنجازاً مصرياً وإفريقيا غير مسبوق بل ومن الصعب جداً تخطيه.
وهناك من تولى تدريب المنتخب المصري في أكثر من ولاية مثل فؤاد صدقي ومحمد الجندي ومحمود الجوهري وطه اسماعيل ومحسن صالح، وقد ينضم إلى هذه الاسماء حسن شحاته إذا تم اختياره مجدداً.
وأخيراً فإن من الإنصاف القول إن أهم إنجازات الكرة المصرية كانت مع المدربين المحليين لأنهم الأقرب للاعب المصري والأكثر دراية بالكرة المحلية ولكن في الوقت ذاته فإن التردد الشديد في اعلان اسم مدرب المنتخب قد يؤثر سلبياً على المنتخب الذي تنتظره استحقاقات هامة هي خوض التصفيات المؤهلة إلى نهائية كأس العام قطر 2022 وتصفيات كأس الأمم الإفريقية 2021 في الكاميرون.